أنا ابنة عائلة محافظة من مدينة حلب، بين ستة بنات وست شباب، أبي من التجار المعروفين في المدينة. لم أتجاوز في دراستي المرحلة الابتدائية، كحال جميع البنات في عائلتي، في حين أكمل أخوتي دراساتهم الجامعية وتخرجوا مهندسين. تزوجت في الخامسة عشرة من عمري من شاب تربطه بعائلتي صلة قربى، سكنا في بيت أهله، وأنجبت منه أربعة أولاد وثلاث بنات.
ففي عائلتي المحافظة لا قيمة للبنات بالمقارنة مع الذكور. حين شاهدتُ مسلسل “أيام شامية” رأيت الشبه الكبير مع حياتي العائلية، بما في ذلك نمط الملابس التي نرتديها. فالبنات دائماً في البيت، لا يمكننا الخروج متى ما شئنا. كان يحق لنا فقط الخروج إلى المدرسة والعودة منها. أما الخروج للترفيه فكان برفقة الوالد، فنرتاد المطاعم ونسافر إلى الشاطئ الأزرق في الصيف. أما الخروج لوحدنا أو حضور الأعراس كما تفعل الفتيات اليوم فلم يكن مسموحاً لنا.
كانت المدارس مختلفة في تلك الأيام من مطلع السبعينات، أذكر أنني كنتُ أصلي الظهر مع معلمتي التي كانت بمثابة صديقة لي، وقد رأيتها ذات مرة بعد سنوات أثناء أدائي صلاة التراويح، فانتابتني مشاعر من تلتقي بصديقة تحبها بعد انقطاع طويل. كانت محجبة مثل أكثرية معلمات المدرسة في ذلك الزمان. ثم تغير الوضع. كنت في الصف السادس حين أصبحت مادة الديانة غير مرسبة.
أحب مناطق حلب القديمة التي ولدت وكبرت فيها، فيها جوامع قديمة وأضرحة لأولياء صالحين. كان الناس قديماً يخلعون أحذيتهم ويحملونها في أيديهم إذا أرادوا دخول المنطقة، كما قال أبي، احتراماً لقدسية المكان.
لمتابعة قصة حلب أم الدنيا يرجى الضغط هنا